الأربعاء، 12 أكتوبر 2016

نظرية الحقول الدلالية


نظرية الحقول الدلالية



لم تتبلور فكرة الحقول الدلالية إلا في العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين على يد علماء سويسريين وألمان ثم تطور السيمانتيك في فرنسا باتجاه خاص حيث ركز motore وأتباعه (1953) على حقول تتعرض ألفاظها للتغيير و الامتداد و تعكس تطورا سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا هاما.

تبني هذه النظرية على المفهوم الحقلي، وهو المفهوم الذي يندرج تحته مجموعة من العناصر التي تربطها علاقة ما ، لأن المفهوم قاعدة تصنيفية، تصنف من خلالها أشياء الكون و عناصره وفق قواعد معينة .(ينظر أحمد مختار عمر ص38)
ويعرف الدكتور عبد السلام المسدي الحقول الدلالية بما يلي: " أما الحقل الدلالي لكلمة ما فتمثله كل الكلمات التي لها علاقة بتلك الكلمة، سواء كانت علاقة ترادف أو تضاد أو تقابل جزئي أو كلي.....فكل مجموعة نسميها الحقل ، و الحقل هو المعنى العام الذي يشمل كل الوحدات (الحيوان هو الحقل الذي تندرج فيه كل الحيوانات (المخلوقات التي فيها الحياة و الحركة)".

وتعتبر منهجية تحليل الحقول الدلالية هي الأكثر حداثة في علم المعاني (علم الدلالة) فهي لا تسعى إلى تحديد البيئة الداخلية لمدلول الكلمات فحسب، و إنما إلى الكشف عن بيئة أخرى تسمح بالتأكد من أن هناك قرابة دلالية بين مدلولات عدد من الكلمات ، ولا تصنف هذه الطريقة مدلول الكلمات في حقول دلالية مبنية على الترادف و التماثل فقط مثل: طالب تلميذ . وإنما تكون كذلك مبنية على التضاد مثل الطويل - القصير، الأبيض – الأسود، الصغير- الكبير أو على علاقة التدرج ، أو على علاقة السبب بالمسبب.
بالإضافة إلى ذلك فقد تكون العلاقة في الحقل الدلالي مبنية على الأوزان الاشتقاقية والتصنيفات النحوية ، أو الحقول السنتجماتية ( وسوف نفصل ذلك فيما بعد) .

إن هذا التحليل الأولي للحقول الدلالية تتبعه امتدادات فمن جهة:

- التقابل الكلي: ليل / نهار
- التقابل الجزئي: يوم / نهار
- التدرج: هزيل / ضامر / أعجف، والمرأة : ربحلة ـ سبحلة ـ ضناك ـ عفضاج
- السبب والمسبب: سحاب / مطر.


إن أصحاب هذه النظرية (نظرية الحقول الدلالية) يذهبون إلى أن فهم معنى كلمة ما يقتضي فهم مجموعة الكلمات التي ترتبط بها دلاليا ، و لذا يعرف أحد العلماء معنى الكلمة بأنه محصلة علاقاتها بالكلمات الأخرى داخل الحقل الدلالي و المعجم. (ينظر: ليون، الحقول الدلالية ص22 عن أحمد مختار عمر. علم الدلالة ص79). و هدف التحليل في هذه النظرية هو جمع كل الكلمات التي تخص حقلا معينا و الكشف عن صلاتها الواحدة بالأخرى ، و صلاتها بالمصطلح العام (ينظر السابق ليون ص1).

وهناك جملة من المبادئ تتعلق بهذه النظرية (ذكرها أحمد مختار عمر ص80) هي:

1- ليست هناك وحدة (لغوية معجمية) تنتمي إلى أكثر من حقل
2- ليست هناك وحدة معجمية لا تنتمي إلى حقل معين
3- لا يصح إغفال السياق الذي ترد فيه الكلمة.
4- يستحيل أن تدرس المفردات مستقلة عن تركيبها النحوي.


وهذا لا يعني سهولة تصنيف الكلمات في حقول دلالية، فقد يستعصي أحيانا إدراج بعض الكلمات في حقل دلالي معين و لهذا تبدو مشكلة تصنيف المعجمات وفقا للحقول الدلالية مستعصية الحل، و يظهر ذلك فيما يلي:

1- صعوبة حصر الحقول الدلالية ، أو المفاهيم الموجودة في اللغة و تصنيفها .
2- صعوبة التمييز بين الكلمات الأساسية ، و الكلمات الهامشية داخل الحقل ن فالكلمة الأساسية هي الوحدة المعجمية المفردة، و لا يمكن التنبؤ بمعناها من خلال معنى أجزائها فقد يعتمد التمييز على الاستقراء و الإحصاء للكلمات الأكثر استعمالا.
3- صعوبة تحديد العلاقات بين الكلمات داخل الحقل والعلاقات هي: الترادف – الاشتمال – التضاد – التنافر...) . والتضاد منه الحاد مثل: ميت/حي . والمتدرج مثل: ساخن/بارد والمتعاكس مثل: باع/اشترى.


كما أنه من الصعب وضع الحقول الدلالية لعدد كبير من الكلمات ، فلا نستطيع أن نقول إن هذا الأمر ينتمي إلى حقل دلالي معين (النسر) الذي ينتمي إلى حقل (الطيور) أو حقل الجوارح أو حقل الطيور غير الأليفة فهناك تداخل في الحقول الدلالية.

كما أن الحقول الدلالية ليست مغلقة بل هي مفتوحة، و يضاف إليها دائما.
لأن التطور الاجتماعي يؤثر على المعاجم، و يمكن التمثيل لذلك بحقل وسائل النقل والمواصلات مثل (حمار، جمل، عربة، سيارة، طائرة، سفينة فضاء ...).

وقد تنقرض أو تنزوي بعض الوحدات المعجمية لتفسح المجال لوحدات أخرى في الاستيراد إذ عندما تظهر لفظة جديدة بواسطة التوليد أو الاقتراض أو غير ذلك فان مدلول هذه الوحدة الجديدة يبنى على حساب مدلول الوحدات السابقة التي تفقد جزءا من دلالتها عندئذ.

وهكذا تقع هذه الوحدة الجديدة في السياقات و الحقول التي كانت تقع فيها الوحدات السابقة مثل: المحراث اليدوي / التراكتور ... وإن كانت قد تتعايش معها لفترات طويلة ...

وإن كانت الصعوبة تتعلق بتصنيف المفاهيم ، فقد وضع الباحثون أسسا يمكن بها تصنيف المفاهيم في حقول بعد أن حددوا المفهوم بأنه قاعدة معرفية، يمكّن الفرد من تحديد صفة تصنيفية معينة و قد أشار بعضهم (تشو مسكي) إلى مجموعة من الأمثلة.

إن مجموعة الملامح المشتركة بين كرسيين بالرغم من طابعيهما المختلفين تكون التفريق الصحيح للمداول (كرسي) .....في الفرنسية مثلا، وهذه الملامح هي:
بظهر – على قدم، لشخص واحد، للجلوس، بمساند، من مادة صلبة (خشب)، هذه هي الملامح الخاصة للكرسي،و بالمقارنة مع الأريكة نجد أنها: للنوم و ليست للجلوس فهناك خاصية تميزها عن الكرسي.

وهكذا فان الخصائص التي اكتشفت بشكل مستمر تعطي للكرسي مميزاته الدلالية المركبة.
إن هذا التحليل الأولي تتبعه امتدادات فمن جهة إذا قارنا هذا التمييز الدلالي واضعين في الاعتبار مدلولا معينا مع مميزات دلالية مركبة مجاورة جامعة تقريبا فإننا نتوصل إلى تعيين تلك الميزات الدلالية المركبة التي يعين غيابها كل واحد من العناصر التي تنتمي إلى حقل دلالي واحد.






وفي أطروحة قدمها الدكتور حسن عبد الكريم بعنوان (الموضوعية البنوية – دراسة في شعر السياب) تبين أن أكبر الحقول الدلالية التي وردت في شعر السياب هي حقل الحب ، وحقل الموت ، وحقل الحياة، وحقل اللون ... بالإضافة إلى حقل الصيغ الصرفية مثل فعلل.


ففي حقل الموت تكررت لفظة الموت 93 مرة ... ومن الألفاظ الأخرى في هذا الحقل : الحمام، اللحد، الرمس، الجدث، الضريح، الشاهد، الجنازة النعش، التابوت الجثة، الرفات، الدفن، المواراة، الجثمان، الجبانة، النزع، النفر، المنية، الحتف، الردى، الهلاك، الفناء، الاحتضار.


أ
ما حقل الحياة فورد فيه : الحياة 184 مرة و فيه: العيش، الخلود، الولادة، البعث، النشور.
وأما حقل اللون فقد ورد منه ما يلي : أسود 67 مرة و منه أيضا : أبيض، أحمر، قان، أرجواني، أكحل، أزرق، أسمر، أخضر،أصفر، أشقر، أغبر، خضيب ...


ويقال : إن سوسير كان هو السبّاق إلى طرح المجالات الدلالية حيث أشار إلى أن الدليل يمكن أن يخضع إلى نوعين من العلاقات المترابطة :


1 ـ علاقات مبنية على الصيغة، فكلمة (تعليم) توحي بكلمات مثل: علّم – علم – معلم
2 ـ علاقات مبنية على المعنى والمدلول ، فكلمة تعليم توحي بكلمات مثل : تربية ،تكوين ، تنشئة ، رعاية.

وقد طرح جورج منان قضية الحقول الدلالية بدقة بقوله " هل يمكن ـ من الوجهة النظرية ـ بناء على هيكلة مجموعة مكونة من عدد غير متناه من الوحدات، كوحدات المعجم اللغوي، و هل يمكن على نحو أكثر شمولية و دقة القيام بذلك بالنسبة إلى مجموعة الظواهر اللغوية التي تتوفر على معنى" ، ويفهم من هذا الكلام أن مونان يشكك في إمكانية وضع الحقول الدلالية لكلمات كثيرة ، حيث يرى أن ذلك من الصعوبة بمكان ...

وهذا ما كنا قد أشرنا إليه عندما مثلنا بكلمة ( النسر) و إلى أي حقل دلالي يمكن أن تنتمي حيث تتداخل الحقول الدلالية.

كما أشرنا إلى أن الحقول الدلالية مفتوحة و ليست مغلقة و مثّلنا لذلك بوسائل النقل (الحمار، العربة، السيارة ... )

ولذا فانه لضبط خصائص العلاقات القائمة داخل حقل من الحقول فان الكيفية المعتمدة متمثلة في تحليل الوحدات إلى صفات، فالوحدات المنتمية إلى النظام الدلالي نفسه تتوفر كلها على صفة مشتركة واحدة على الأقل و هي الصفة المحددة للحقول.
وتختلف بعضها عن بعض بصفة واحدة على الأقل و حينئذ فان المظهر الصوري للتحليل سيسمح بالوقوف على العلاقات و الاختلافات الموجودة ، و من مكونات الحقل ، و نوضح ببعض الأمثلة أيضا:

1- دراجة نارية : صفاتها : بعجلتين لشخصين على الأكثر، تنتقل بمحرك، لها فرامل، مقود من الجانبين.
2- الحافلة : صفاتها : تنتقل بمحرك أربع عجلات على الأقل، الركاب أكثر من ثمانية، المقود دائري، فرامل زيتية ، مخطاف ...
3- سيارة : صفاتها : تنتقل بمحرك ، أربع عجلات ، مقود دائري، عدد الركاب لا يقل عن أربعة ولا يزيد عن سبعة بفرامل زيتية ، مغطاة ...

ولو درسنا هذه الخصائص المعنوية لوسائل النقل السابقة لوجدنا أنها تختلف في بعض الخصائص وتتفق في أخرى.

ولهذا نجد أن أبا هلال العسكري قد تناول الفروق في اللغة في كثير من الكلمات التي توهم الناس أنها مترادفة فأشار إلى ما بينها من فروق دقيقة ، رغم انتظامها في حقل دلالي واحد.
وبقي أن نعود إلى توضيح مفهوم الحقول السنتجماتية التي تشمل الكلمات التي تترابط عن طريق الاستعمال ، دون أن تقع في الموقع النحوي ذاته ...
فكلمات مثل كلب / نباح، فرس / صهيل، زهر / يتفتح، طعام / يقدم ... أشقر / شعر، يسمع / أذن ... (ينظر أحمد مختار عمر ص81).

وبعضهم يقسم العلاقات بين كلمات الحقل السنتجماتي إلى :

1- الوقوع المشترك مثل في الانجليزية travel by foot أو go by foot.
2- التنافر مثل walk by foot و run by foot



معجم الحقول الدلالية:

أدت نظرية الحقول الدلالية إلى وضع يعتمد كافة الحقول الدلالية في اللغة و تقدم فيه المفردات داخل كل حقل.
وربما كان أشهر معجم أوربي مبكر صنف على أساس الموضوعات هو المعجم الذي وضعه Roget لكلمات اللغة الانجليزية و عباراتها، الذي ذكر في مقدمة هذا المعجم إلى أنه مرتب ليس على حساب النطق و لا الكتابة و إنما حسب المعاني.

ولعل أحدث معجم يعتمد نظرية الحقول الدلالية هو المعجم الذي عنوانه Greek New Testament ولا بد من الملاحظة هنا إلى أنه كان للعرب أسبقية في ميدان المعاجم المعنوية ابتداء من رسائل الموضوعات التي وضعها جامعو اللغة الأول.

ويقوم عمل معجم مصنف للمفاهيم على أساسين:

1- وضع قائمة بمفردات اللغة .
2- تصنيف هذه المفردات حسب المجالات أو المفاهيم التي تتناولها.


وكان (أولمن) قد قسم الحقول الدلالية إلى ثلاثة أنواع (عن أحمد مختار عمر ص107) :
1- الحقول المحسوسة المتصلة : والمثال على ذلك نظام الألوان إذ أن مجموعة الألوان امتداد متصل من الممكن تقسيمه بطرق مختلفة، و تختلف اللغات في ذلك التقسيم.
2- الحقول المحسوسة ذات العناصر المنفصلة كنظام العلاقات الأسرية، وهي أيضا يمكن أن تصنف وفق معايير مختلفة.
3- الحقول التجريدية وتمثلها الألفاظ الخاصة بالمعاني الفكرية غير المحسوسة.



حصة تطبيقية حول نظرية الحقول الدلالية


الحقل الدلالي أو المعجمي هو مجموعة من الكلمات التي ترتبط دلالتها ، وتوضع عادة تحت لفظ عام يجمعها ، مثل الكلمات الدالة على الألوان في اللغة العربية .. فهي تقع تحت مصطلح عام هو "اللون" ، وتضم ألفاظا مثل: الأحمر ، الأزرق ، الأصفر ، الأخضر ، الأبيض .
من هنا يعرف " لاينز " معنى الكلمة بأنه " محصلة علاقاتها بالكلمات الأخرى داخل الحقل المعجمي " . والهدف من التحليل للحقول الدلالية هو جمع كل الكلمات التي تخص حقلا معينا، والكشف عن صلاتها الواحد منها بالآخر، وصلاتها باللفظ العام و لا تخرج هذه العلاقات في أي حقل معجمي عن :

1 ـ الترادف: يكون ( أ) و ( ب ) مترادفين إذا كان ( أ) يتضمن ( ب ) و (ب ) يتضمن ( أ )
2 ـ الاشتمال: وهي أهم العلاقات ، و يختلف عن الترادف في أن التضمن يكون من طرف واحد. يكون(أ) مشتملا على( ب) حين يكون( ب) أعلى في التقسيم التصنيفي أو التفريعي .
3 ـ علاقة الجزء بالكل : مثل علاقة اليد بالجسم ، والفرق واضح بينها وبين علاقة الاشتمال ، فاليد جزء من الجسم وليس نوعا منه .
4 ـ التضاد:

أ ـ في النقيض: حي / ميت.
ب ـ التضاد المتدرج : مثل : غال / حار / دافئ / معتدل / مائل للبرودة / بارد / قارس / متجمد .
ج ـ العكس: باع / اشترى .
د ـ التضاد الاتجاهي : أعلى / أسفل ، يصل / يغادر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منقول من الموقع /  http://salimprof.hooxs.com/t782-topic

الأحد، 14 أغسطس 2016

الحقول الدلالية في قصيدة محمد العيد آل خليغة أذن الشرق

عمر بن زيادي - الجزائر

الحقول الدلالية في قصيدة...

معجم الحقول الدلالية في قصيدة "في أذن الشرق" للشاعر الجزائري محمد العيد آل خليفة
على الرغم من المكانة التي حظيت بها الدراسات اللغوية قديما وحديثا لدى الدارسين اللغويين في تصنيف شتّى العلوم المتعلّقة باللغة، إلاّ أنّ مجال الحقول الدلالية لم يحظ بالاهتمام إلاّ حديثا، وبخاصة في تطبيق هذه النظرية على الأدب بنوعيه النثري والشعري، ولذلك يأتي هذا العمل لإلقاءِ الضوء على أهمية معجم الحقول الدلالية في تحليل النص الأدبي عامة، والشعري منه خاصة.
نظرية الحقول الدلالية
لست بصدد الخوض في هذه النظرية، ولا في تاريخها، فلقد تناول الموضوع من جوانبه المتعددة كثير من الدارسين المحدثين؛ لكن سأعمد إلى إعطاء بعض المفاهيم الأساسية حول هذه النظرية التي تعدّ من أخصب أبواب علم الدلالة في الدراسات اللغوية الحديثة، فلا خلاف بين علماء اللغة المحدثين في كون الحقول الدلالية تعنى بدراسة الكلمات من خلال تجميعها في حقول دلالية، حيث ترى هذه النظرية أنّه: "لكي تفهم معنى كلمة يجب أن تفهم كذلك مجموعة الكلمات المتّصلة بها دلاليا"(1). وأهم ما يميز أنصارَ هذه النظريةِ هو اتفاقهم على ضرورةِ مراعاة السياق الذي تردُ فيه الكلمة(2). ويعرّفُ الباحثُ اللغوي، أحمد مختار عمر، الحقلَ الدلالي بقوله: "الحقل الدلالي Sémantic field أو الحقل المعجمي هو: مجموعةٌ من الكلماتِ ترتبطُ دلالتها، وتوضع عادة تحت لفظ عام يجمعها"(3).
أهمية نظرية الحقول الدلالية
جاءت نظرية الحقول الدلالية لتميط اللثام عن مجال مهم في ميدان الدراسات اللغوية الذي طالما أغفله المهتمون بالبحث الدلالي، فلا يخفى أنّ اللغة التي توفّرها النصوص على اختلاف أنواعها (دراسات، أدب بنوعيه نثري أو شعري) تتشكّل أساسا من ألفاظ أو كلمات، وهذه الأخيرة تأتي وفق تنوّع تشكّله بيئة المؤلّف الثقافية والاجتماعية والإيديولوجية والنفسية.
وهنا تأتي نظرية الحقول الدلالية لتقوم بتصنيف هذه الألفاظ أو الكلمات تحت عنوان يجمعها، ومن ثمّ يعمد الدّارس إلى البحث عن الخلفيات الدلالية التي تقف وراء استعمال المؤلّف لتلك المجموعات، والخلفية الفكرية التي دعته لذلك الاستعمال، وبذلك فإنَّ أهمَّ ما جاءت به نظريةُ الحقول الدلالية هو التصنيف القائم على الدلالةِ المعجمية للكلمة.
إلا أنَّ السياقَ يبقى له اعتبارُه أيضًا في دراسةِ الكلمة؛ كما يذهبُ إلى ذلك أنصارُ هذه النظرية أنفسهم(4). فنظرية الحقول الدلالية لا محالة جاءت لتكشف عن خبايا اللغة، ما دامت هذه الأخيرة تحمل مكنونات العصر الذي ألّفت فيه، فالمدوّنة أيّا كان نمطها مرآة عاكسة للمستوى الثقافي للمجتمع وبالتالي زمكانية النصّ.
لماذا الشاعر محمد العيد آل خليفة؟
إنّ اختياري لشعر محمد العيد آل خليفة (1904/1979) جاء لكون شعره شغل الباحثين والدارسين، وأثار الاهتمام والإعجاب المستمرين، وليس لكونه حاملا لأصالة أمّته وشجونها قبل وبعد الاحتلال فحسب، بل لما اختص به من خصائص الصدق والبساطة والنزعة الوجدانية والخيال والاستطراد، ومن جزالة الألفاظ ومتانة الصياغة والتراكيب وغيرها من الخصائص المعنوية واللفظية، التي جعلت شعره حياً متجدداً قابلاً لمختلف القراءات والمناهج النقدية.
وتعد قصيدة "في أذن الشرق" من أشهر قصائده وأنفسها. ومن هنا جاء اختياري لها لأهميّتها في زمنها الذي نظمت فيه، ولما أبرزته من معان إنسانية عميقة في تمجيد النهوض بالأمة بكافة الوسائل، وعلى رأسها العلم، فضلاً عن أنها حاملة لكثير من الحقول الدلالية التي هي جوهر عملي.
لهذا أتبنى التعريفَ الذي قدمته الباحثةُ البحرينية، بروين حبيب، للمعجمِ الشعري بأنه: "القاموس اللغوي للشَّاعر، والذي تكون من خلالِ ثقافته وبيئته ومناخه الذي عايشه"(5). على أنَّ خضوعَ مجموعةٍ من الشعراء -أو الكتاب- العظام لتأثيرات مشتركة أو لبيئة مشتركة لا يعني إنتاج معجمٍ شعري مشترك؛ إذ يبقى لكلٍّ منهم معجمه الخاص(6)، لكون المعجم الشعري خاضعًا للسياق.
وعلى الرغم من كثرة الأبحاث والدراسات في شعر محمد العيد آل خليفة، إلا إنها لم تتطرق فيما أطلعت إلى هذا النوع من البحث الدلالي. وقد أثارت انتباهي واستوقفتني طويلاً مسألة تقارب دلالات الكلمات في أبيات شعره، وأرى أنها تستحق قراءة جديدة وأكثر من مجرد الاهتمام.
وعلى هذا الطريق المهيع سار هذا العمل، فالكلمات في أبيات قصيدة "في أذن الشرق" تبدو أقرب إلى بعضها دلاليا، أكثر مما في غيره من القصائد الأخرى.
الحقول الدلالية في قصيدة "في أذن الشرق"
قبل الكشف عن الحقول الدلالية التي تعجّ بها قصيدة "في أذن الشّرق" لمحمّد العيد آل خليفة، فالديوان جدير بأن نتوقّف عنده، فقد جمع الديوان بين دفّتيه خيرة قصائد محمد العيد، والتي تعالج مضامينها شتّى مناحي الحياة في الحقبة التي عايشها شاعرنا، ولكن وأنت تقلّب صفحات الديوان تهزّك قصيدة من بين كلّ القصائد، لا لشيء إلاّ لأنّها لامست مشاعرك أوحرّكت دواخلك، فقصيدة "في أذن الشرق" تحمل دلالات بعيدة المعاني من تنبيه الغافلين وتحريك همم المتقاعسين والمترددين وتحذير المداهنين. وتعد قصيدة "في أذن الشرق" دعوة صريحة لكلّ إنسان عاقل في المشرق العربي الذي هو عنوان كلّ العرب والمسلمين والأفارقة، فشاعرنا لم يتناس كونه إفريقيّا.
وما توصلت إليه في مجال البحث عن الحقول الدلالية في هذه القصيدة، وبعد قراءاتي المتعددة للقصيدة تكشّف لي أنّ مضامين القصيدة من حيث مفرداتها وعباراتها يمكن تقسيمها إلى ستة حقول أعرضها أدناه.
=1= الحقول الدلالية الخاصّة بالأخلاق
يعدّ هذا الحقل من أكثر الحقول التي احتوتها القصيدة، ولا غرابة كون الشاعر ينطلق من قاعدة أخلاقية لثقافته الإسلامية، والجدول يظهر هذا الزّخم من الألفاظ في هذا الحقل:
أ= الصدق: نحن قوم لنا قلوب على الصد  ق رواس كأنّها أطواد (7).
ب= يثق/ الحقّ والصبر/ التّواصي تضامن/ الفساد/ الهوى/السّداد/ أطاعوا / أشادوا/ نخزى:
وبها دبّ في الجزائر إبــــــــلا * ل وإن لم يثق به العوّاد
نتواصى بالحقّ والصبر فيه * والتّواصي تضامن وجهاد
ومن الشرق أمّة غلب الصّمت * عليها فعمّ فيها الفساد
ساد فيها الهوى ولو لم تفرّط * في التّواصي لساد فيها السّداد
وعنا النّاس لاسمهم وأطاعوا * وأشادوا بذكرهم ما أشادوا
وقعدنا مع الخوالف نخزى * بضروب من الأذى ونكاد(8).
ج= المطامع/استهانت/ تفشّى...خلف/ يخزى الكرام /يعزّ الأسافل/ يطوى/ الجميل/ينسى العهد/يلف الميعاد/ لا يثبت الرأي/ لا يدوم الوداد/ الحسّاد:
شغف القوم بالمطامع حبّا * واستهانت بالأمّة الأفراد
وتفشّى في الخلف خلف فذلّوا * لسواهم حتّى فنوا أو كادوا
يا بلادا يخزى الكرام عليها * ويعزّ الأسافل الأوغاد
يا بلادا يطوى الجميل وينسى ال * عهد فيها ويخلف الميعاد
يا بلادا لا يثبت الرأي في ش * يء عليها ولا يدوم الوداد
يا بلادا يلقى النبوغ بها الشّؤ * م ويسعى في قتله الحسّاد(9)
د= المرشدون/ ظنون سيّئات/ حرّ ذنبه الوعظ والإرشاد:
أرغم المرشدون فيك على الصّم * ت وبثّت عليهم الأرصاد
وأجيزوا من قومهم بظنون * سيّئات يبثّها المرّاد
كم يلاقي من العقوبات حرّ * ذنبه الوعظ فيك والإرشاد(10)
=2= الحقول الدلالية الخاصّة بالتخلّف والتقهقر
في القصيدة الكثير من الألفاظ الحاملة لمعان التخلّف والتقهقر، وهذا كلّه راجع لكون الشّاعر بصدد تصوير حال الشعوب المتّسم بالجهل والتخلّف في شتّى المجالات، فالحقبة الزمنية وهي بالتأكيد الاستعمارية عايشت فيها الشعوب الإفريقية أنواع شتّى من التقهقر الاجتماعي والثقافي والاقتصادي في أبشع صوره، مما استدعى الشاعر تضمين قصيدته هذه الألفاظ التي تخيّرها من معجمه، للتعبير عن هذا الحقل الدلالي، وفي هذا الإطار إليكم ما استجمعته من ألفاظ هذا المعجم:
أ= قعدنا- الخوالف/ نخزى/ الغشاوات/ البغي- الوهم- أصفاد/ الخلف/ انقطعنا:
وقعدنا مع الخوالف نخزى * بضروب من الأذى ونكاد
إن أفكارنا تحاك الغشاوا * ت عليها وتضرب الأسداد
فمن البغي فوقنا مرهفات * ومن الوهم حولنا أصفاد
ومن الخلف دوننا عقبات * ينفذ الجهد عندها والزاد
وانقطعنا يا علم عنك وعن ك * لّ تراث أبقت لنا الأجداد(11)
ب= امّحت- ضلّت/ أضاعه:
وأضعنا الأثار فامّحت الطّر * ق وضلّت من بينها الرّواد؟
كلّ ما شدتم على الأرض من مج * د تليد أضاعه الأحفاد(12)
ج= الإهمال- الغفلة- الفقر- الجهل:
شاع فيك الإهمال والجهل والغفلة والفقر والضّنى والكساد(13)

د= استهانت/ ذلّوا- فنوا- تفشّى/ تفرّقا- أضداد/ الهون- مادت:
شغف القوم بالمطامع حبّا * واستهانت بالأمّة الأفراد
وتفشّى في الخلف خلف فذلّوا * لسواهم حتّى فنوا أو كادوا
ويح إفريقيا تفرّق فيها * مسلموها فكلّهم أضداد
وتدلت بهم إلى الهون حينا * فتدلّوا بها ومادت فمادوا(14)
=3= الحقول الدلالية الخاصّة بعوامل النهوض
في هذا الحقل الدلالي يضطر الشاعر وهو في أتون دلالات التخلّف أن يخرج المتلقي ليتنفس ألفاظا تتضمّن معان النهوض والرقيّ الذي يمكن لهذه الشعوب أن تعيشه، ولو كان هذا الأمل من الماضي، فالشاعر يعود بالمتلقي إلى ماضيها التليد المزهر، ويحاول غرسه في نفوس هذه الشعوب التي تعيش أحلك فترات الحياة، فحتى يشعرها بالأمل ها هو يعيد إليها فلاشات من قبسات أيام عزّتها، وفي هذا اخترت من القصيدة ما رأيته يعبّر عن هذه الدلالات:
أ= نهيب:
ونفوس لنا تهيب إلى المج * د بنا ما لها سواه مراد(15)
ب= المجد/ وعوا/ النبوغ/ المشرقون:
ما رسمنا خطا إلى المجد إلاّ * وعليها أساسنا والعماد
كم وعوا في الحجاز من قبل روما * وأثينا من حكمة وأفادوا
يا بلادا يلقى النبوغ بها الشّؤ * م ويسعى في قتله الحسّاد
أيّها المشرقون في ظلم التاري * خ هل عصركم علينا يعاد(16)
ج= تليد/ سادوا:
كلّ ما شدتم على الأرض من مج * د تليد أضاعه الأحفاد
فإذا قمت بالفلاحة أثرى * في الألى أعدموا الألى فيك سادوا(17)
=4= الحقول الدلالية الخاصّة بالترادف والتضاد
يعدّ هذان الحقلان من الحقول الدلالية التي لها وقع في ترسيخ معاني الألفاظ، فظاهرة الترادف التي حبلت بها القصيدة لها دور جليّ في تأكيد وتوضيح المعاني التي يريدها الشاعر أن تبقى في ذهن المتلقي، فالغبن بأنواعه الذي عايشته الشعوب الإفريقية عمد الشاعر فيه إلى استخدام الكثير من الألفاظ المشتركة المعاني بغاية أن يكون لدلالاته وقع، وكذا التضاد، فاللفظ أحيانا لا يتّضح إلاّ بإيراد ضدّه فتقوى الصورة ويزداد المعنى قوّة، وفي هذا أخذت من القصيدة هذه الألفاظ التي تؤدّي إلى هذا الباب:
أ= أبيّها وعصيّها -مستجيب ومنقاد/ الأناقة والرّوعة - الذكر والإنشاد/ شرّفي، حلّي/ أساسنا والعماد:
ذي معان أبيّها مستجيب * وقواف عصيّها منقاد
تسحر الأنفس الأناقة والرو * عة فيها والذكر والإنشاد
مرحبا شرّفي القلوب وحلّي * ما لدينا غير القلوب مهاد
ما رسمنا خطا إلى المجد إلاّ * وعليها أساسنا والعماد(18)
ب= الصعاب، العواتي- الخطوب، الشداد:
فبها لانت الصّعاب العواتي * وبها هانت الخطوب الشداد(19)
ج= تنجلي، تنقضي/ الأسافل، الأوغاد/ يطوي، ينسي، يخلف:
ربّما تنجلي الشدائد عنّا * بالتّواصي وتنقضي الأنكاد
يا بلادا يخزى الكرام عليها * ويعزّ الأسافل الأوغاد
يا بلادا يطوى الجميل وينسى ال * عهد فيها ويخلف الميعاد(20)
د= يثبت، يدوم:
يا بلادا لا يثبت الرأي في ش * يء عليها ولا يدوم الوداد(21)
هـ= الوعظ والإرشاد/ يخلد، يبقى/ الموت ≠ الحياة/ اشترى ≠ باعوا- غدوا ≠ عادوا/ يخزى الكرام≠ يعزّالأسافل:
كم يلاقي من العقوبات حرّ * ذنبه الوعظ فيك والإرشاد
يخلد ذو الجلال ويبقى * وسوى الله منتهاه النفاذ
إنّ في الموت والحياة مدى أو * سع فيه تفاوت الأنداد
واشترى النّاهضون منك وباعوا * وغدوا رابحين فيك وعادوا
يا بلادا يخزى الكرام عليها * ويعزّ الأسافل الأوغاد(22)
=5= الحقول الدلالية الخاصّة بالأعلام
على الرّغم من كون القصيدة طويلة، إلاّ أنّ الشاعر لم يضمّنها الكثير من الأعلام، لكن الأعلام الذين أقحمهم الشاعر في قصيدته يحملون دلالات متعددة، فواقع القصيدة بين تخلف الشعوب ودعوة النهوض، فالأعلام تحمل هذه الدلالات، فمن امرئ القيس إلى إيّاد أعلام لها وقع في نفسية المتلقي الحامل لثقافات الماضي والحاضر، فكلّ علم ضمّنه الشاعر دلالات ما لا تفهم إلا من خلال سياقها:
امرؤ القيس- زياد/ عاد – شدّاد/ سابور – إيّاد:
أنا مهما بكاك مني امرؤ القي * س وحيّا حماك منّي زياد
وعت الأرض كلّ ما عاد من عا * د عليها وشاده شدّاد
كلّ ذي إمرة على الأرض (سابو * ر) وكلّ الشعوب فيها (إيّاد) (23)
=6= الحقول الدلالية الخاصّة بالأمكنة
ربط الشاعر معاني قصيدته بمجموعة من الأمكنة، سواء كانت قديمة أو حديثة، وكانت هذه الأمكنة التي ذكرها الشاعر لها دلالاتها في سياق الحديث عن المعاني التي يريد إيصالها للمتلقي، لهذا لا نجده يذكر مكانا إلاّ وكانت له علاقة بالمعنى المراد:
الجزائر/مسرح الأبيرا
سوق عكّاظ/ الحجاز
روما- أثينا/ إفريقيا:
وبها دبّ في الجزائر إبلال * وإن لم يثق به العوّاد
وغدا مسرح الأبيرا لنا سو * ق عكّاظ تؤمّه الورّاد
كم وعوا في الحجاز من قبل روما * وأثينا من حكمة وأفادوا
ويح إفريقيا تفرّق فيها * مسلموها فكلّهم أضداد(24)
خلاصةُ القول إنَّ نقلَ دراسة المعجم من المجالِ اللغوي - الذي نشأ في أحضانه - إلى مجالِ الدراسات الأدبية، والشعرية خاصة، تقتضي تجاوز مجردِ الوصف والتصنيف، بالاعتمادِ على الدلالة المعجمية الأصلية، وعلى نظريةِ الحقول الدلالية، إلى دراسةِ السياق الذي يخضعُ له هذا المعجم داخل النَّص الشِّعري؛ لكونه مجالاً للانزياحِ وإكساب المعجمِ دلالاتٍ تختلفُ في درجة اقترابها من الدلالاتِ الأصلية أو ابتعادها عنها، ولأنه في مفهومه العام يسمحُ بالخروجِ من الانغلاق البنيوي للنص الأدبي، غير أنَّ القولَ بأهميةِ السياق لا يعني بأية حال إلغاء المعنى المعجمي الذي تبقى له أهميتُه في استكشافِ دلالةِ النص.
وقصيدة "في أذن الشرق " للشاعر الجزائري محمد العيد آل خليفة خير مثال على هذا، فالألفاظ التي استخدمها الشاعر إذا أخرجناها من سياقاتها التي أقحمت فيها قد نكتشف دلالات مفردة ضيّقة، وهذا ما ينحو إليه التفسير المعجمي بأنواعه، لأنّ معظم المعاجم القديمة أو الحديثة لا تقدّم كل معاني اللفظة، ولكننا إذا أعدنا اللفظة إلى سياقها نجدها تبوح بمكنوناتها، التي يريدها الشاعر ومن ثمّ المتلقي، إذا فمهما بلغنا من جهد في إيجاد دلالات الألفاظ التي يستخدمها الأديب خاصة، فلا يمكن أن نصل إلى التصنيف الدلالي المتوخى، وبالتالي يبقى هذا البحث قراءة ذاتية لعمل ما.
= = = = =
الهوامش
1= علم الدلالة، الدكتور أحمد مختار عمر، ط 4، عالم الكتب، القاهرة 1993، ص (79-80).
2= نفسه، ص (80).
3= نفسه، ص (79).
4= نفسه، ص (80).
5= تقنيات التعبير في شعرِ نزار قباني، بروين حبيب، ص (52).
6= علم الدلالة، الدكتور أحمد مختار عمر، ط 4، عالم الكتب، القاهرة 1993، ص (116).
7= ديوان محمد العيد آل خليفة، دار الهدى،عين مليلة،الجزائر، 2010، إسلاميات وقوميات، ص 112.
8= نفسه، ص 113.
9= نفسه، ص 114.
10= نفسه، ص 115.
11= نفسه، ص 113.
12= نفسه، ص 114.
13= نفسه، ص 115.
14= نفسه، ص 114.
15= نفسه، ص 113.
16= نفسه، ص 114.
17= نفسه، ص 115.
18= نفسه، ص 112.
19= نفسه، ص 113.
20= نفسه، ص 114.
21= نفسه، ص 113.
22= نفسه، ص 114.
23= نفسه، ص 115.
24= نفسه، ص 114.
منقول من http://www.oudnad.net/spip.php?article837